إنّ الطعام يقطع مسافة ما بين 3 و 4 أمتار من الأسفل إلى الأعلى وهو طول عنق الزرافة المزركش ليصل إلى الفم. وطبعا لا يمكن للطعام الرّجوع إلى الفم من تلقاء نفسه!! حسنا، كيف تفعل الزرافة ذلك؟ سوف لن ندعكم تنتظرون الجواب لمدة أطول، فالأمر على النحو التالي:
يوجد في عنق الزرافة نظام مثل المصعد يحمل الطعام من الأسفل إلى الأعلى ( لا يمكن التصور أنّنا إذا أردنا أن نفعل مثل الزرافة علينا تركيب نظام مثل المصعد لإرجاع الطعام إلى أفواهنا)، ومن ناحية أخرى من المستحيل أن يكون هذا النظام قد وُجد مصـادفة كأن يقول أحدهم :''قبل عدّة سنوات وضعت في أرض فارغة ما يلزم لبناء منزل، وفجأة انتصب بناء مكان تلك اللوازم التي وضعتها، لقد حدث هذا الأمر نتيجة اختلاط قليل من المطر وقليل من الطوب وقليل من الشمس''· إنكم ستضحكون من هذا القول حتّى إنّكم ربّما تتأسفون عليه لفقده مداركه العقليّة· وهذا ينطبق تماما على القول بأنّ ''نظام المصعد الموجود داخل عنق الزرافة تكوّن عن طريق المصادفة ''· فمثل هذا النظام من المستحيل أن يكون من صنع المصادفة، علاوة على أنّ الزرافة ليست بناء جامدا يتكوّن من الحجر والتراب والطوب، إنّه كائن حي يركض ويجوع وله صغاره أيضاً فهل تستطيع المصادفة منحه هذا الجسم الطويل والأنظمة التي بداخله؟ طبعا لا يمكنها أن تفعل شيئا من ذلك···
واضح جدّا أنّ الله منح الزرافة كلّ حاجياتها منذ ولادتها، والله تعالى هو الذي وهبها فماً ومعدة تستطيع بهما أكل النباتات الشوكيّة بكلّ سهولة، كما وهبها طريقة نوم خاصّة حيث أنّها تمدّ عنقها وراء جسمها وتنام للحظات واقفة على أقدامها. والزرافات أيضا لا تنام جميعها معا، فلا بدّ من بقاء بعضها مستيقظاً لحراسة المجموعة.
هكذا نتبين أنّ اتفاق الزرافات على بذل التضحية من أجل المجموعة دليل واضح على أنّها - وجميع الكائنات الحيّة الأخرى - تتحرك وفق العناية الإلهية فلنترك الآن طريقة أكلها جانباً ولنتحدّث عن طريقة شرب الماء لدى هذا الحيوان الجميل·
لا شك أنّكم عندما تعرفون كيف تنحني الزرافة لتشرب الماء بكلّ سهولة سيعجبكم ذلك هذا الموضوع لا يعرفه كثير من الناس، وإن عرفه بعضهم فهو لا يمعن التفكير فيه، فكلّ شيء هو من خلق الله تعالى، والواجب علينا تدبر هذه المخلوقات.
.
أوّلا، يعتقد كل شخص أنّ الزرافة تجد صعوبة بسبب هذا البرج المزركش إذا ما أرادت شرب الماء، وحتّى نفهم هذه الصعوبة لنتحدث عن الإنسان قليلاً : كما تعرفون، إذا تدلّى رأس الإنسان إلى الأسفل أو انتصب على يديه يحمرّ وجهه بتأثير الجاذبيّة. ونتيجة تجمّع الدّم في منطقة الرّأس يضغط الدّم على العروق الموجودة في الرّأس وهذا يُسمّىَ ''ضغط الدّم ''.
لأنّ خالق السماء والأرض والكون والكائنات الحيّة هو الله تعالى و هو الذي وهب الزرافات نظاماً خاصّاً حيث جعل أغلفة للعروق التي داخل الرّأس تمنع '' ضغط الدم '' عندما يتحوّل رأس الزرافة من الأعلى إلى الأسفل حسناً، هل تساءلتم لماذا يكون جسم الزرافة مزركش؟
تستطيع الزرافة الركض بقوّة 55 إلى 60 كم في الساعة، وعندما تبدأ الرّكض فإن رأسها يصبح كالمضخّة و ينثني ذيلها، كما أنّ لها خاصّية أخرى أثناء الركض وهي أنّها تضرب بأرجلها مثل بقيّة الحيوانات فتستعمل أوّلا الرّجل اليسرى الأماميّة والرّجل اليسرى الخلفية، ثمّ الرجل اليمنى الأماميّة والرّجل اليمنى الخلفيّة.
طبعا هذه الحالة لا تشمل صغار الزرافة فهؤلاء لم يكبروا بعد فيسرعون هاربين مثل أمّهاتهم، لذلك فإنّ الأسود يصطادونهم بسهولة. لكن، وكما شرحنا سابقا فإنّ الصغار لا يفارقون أمّهاتهم، وتستعمل الزرافة الأمّ أرجلها لتصدّ ضربات العدو القاتلة لتحمى صغارها· وهنا نتوقف قليلاً ونفكّر.
إنّه إلهام من الله تعالى ألهمه الزرافة وجميع الكائنات الحيّة الأخرى فالله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أخبرنا في القرآن الكريم عن رحمته وشفقته بمخلوقاته فقال تعالى: {···فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ } سورة النحل، الآيه ·47